احدث اليوم النائب المختار ولد محمد موسى صدعا في حزب تواصل الإخواني الذي ينتمي إليه، والذي تم انتخابه عضوا في الجمعية الوطنية تحت رايته، حيث كان على رأس اللائحة الوطنية لمترشحي الحزب. ويعتبر ولد محمد موسى من الجيل المؤسس لحركة الإخوان في موريتانيا التي اعتنق فكرها مبكرا وهو في ريعان شبابه.. مما يعطيه مشروعية تاريخية لا تتوفرلدى الكثيرين من أعضاء الحركة الأصغر سنا منه؛ غير أن لهذه المشروعية وجها آخر قد يكون عائقا : صراع الأجيال ومحاولة أجيال جديدة الصعود على حساب المناضلين والقادة المؤسسين..
وقبل انتخابه في الجمعية الوطنية، تقلد المختار منصب وزير باسم حزبه الاخواني في الحكومة الانتقالية التي تم تشكيلها بموجب اتفاقية داكار عام 2009 بعد الإطاحة بالرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله.
كما سبق له قبل ذلك أن عمل سفيرا في دمشق في عهد الرئيس الأسبق معاوية ولد سيد احمد ولد الطايع. وظيفة تخلى عنها واختار المنفى على أثر القمع والملاحقات الأمنية التي تعرض لها الإخوان آنذاك في موريتانيا. غير أنه عاد للبلد بعد ذلك دون ان يتعرض لأذى من النظام. ومن العوامل المساعدة على رجوعه بأمان إلى الوطن سياسة انفراج اتبعها معاوية تجاه معارضيه وكذلك كون ولد محمد موسى مناورا سياسيا بارعا. براعته وحنكته استفاد منهما الإخوان كثيرا في السابق. فهل هم الآن بصدد خسارتهما؟
ذلك ما يستشف من ضجة الإستياء التي أثارها في صفوف حزب تواصل بسبب استقباله لرئيس الجمهورية في تيشيت صباح اليوم وهو موشح بالعلم الوطني الجديد الذي لا يعترف به الإخوان وحزبهم. الأمر الذي أدى إلى ردة فعل قوية رسمية من الحزب موقعة من طرف مسؤوله الإعلامي.. فيما يلي نصها:
" ماقام به النائب المحترم الدكتور المختار ولد محمد موسى من استقبال للرئيس في تيشيت هو تصرف فردي، ولم يتم التشاور فيه مع الحزب ولا مع كتلته البرلمانية.
وعليه فإنه موقف شخصي لا يمثل الحزب ولا يمثل نوابه.
ونحن في الحزب ننتظر عودة النائب المحترم للاستيضاح منه مباشرة حول دوافعه ومبرراته.
محمد فاضل ولد المختار
الأمين الوطني للإعلام والثقافة
انواكشوط، بتاريخ : 01 دجمبر 2017".
وعلى كل حال، و أيا كان تأويل موقف المختار ولد محمد موسى هذا، وما سيؤول إليه في المستقبل القريب، فإن تصرفه غير اعتباطي.. بل صدر عن تروٍّ وعن حسابات سياسية يعرف صاحبها ما يريده وهو على دراية تامة بعواقب تصرفه على قومه السياسيين: يعلم أنه سدد ضربة موجعة لوحدة حزب تواصل.. بل ربما تعمدها ليزيذ من صعوبات الظرفية الراهنة التي كثر الحديث فيها عن صراعات داخلية في اوساط الحزب حول خلافة جميل ولد منصور وحول مسار الحزب العام.. خلافات ربما تتعمق اكثر بمناسبة مؤتمر تواصل القادم الذي يجري تحضيره على قدم وساق منذ فترة.
فهل يبتغي ولد محمد موسى احداث وتقوية الصدوع داخل الإخوان بهذه المناسبة؟ ام أنه يتأهب لمغادرتهم وللإنضمام إلى حلف الرئيس محمد ولد عبد العزيز الذي دافع عنه لما برر استقباله له في تيشيت قائلا أنه " رئيس منتخب"؟ ام أن الأمر يقتصر على رسالة تذمر يوجهها إلى تواصل مفادها عدم رضاه عن الحزب؟
كل الاحتمالات واردة. ومهما كانت الإجابات، فهي لا تخدم حركة الإخوان كثيرا. بل ضارة بها.اما الوجهة السياسية الجديدة للسيد المختار ولد محمد موسى، فإن المواسم الانتخابية المقبلة كفيلة بتحديد مآلها. ومن الوارد ان لا تكون مع الإخوان، بل مع الطرف الآخر.
البخاري محمد مؤمل (اليعقوبي)
تصنيف: