بودرباله في تيشيت: شاعر أبدع.. وحيَّر.. و أمتع...

 كتب الشاعر بودربالة ولد البخاري وألقي نصوصا من الأدب الشعبي في السهرة الفنية التي نظمت ليلة البارحة في تيشيت بحضور رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز. وقد ابتدأها بلون أدبي من صنعه الخاص يسميه هو "اتفيتيت" ولا يخضع لمعايير الشعر الشعبي التقليدي -لغْنَ- المعروفة.. ولا  لمقومات الشعر العربي الفصيح.

أما النوع  الموالي فكان في "لبْتيْت التام" أحد بحور لغن الشهيرة. وقد استهله بالحديث عن "البت لكبير"، أي: عن النوع (البحر) الرفيع من الشعر الشعبي الحساني.  

وقد أبدع بودرباله.. وحيَّر.. وأفاد.. وأمتع : سواء من حيث ثراء الصور البلاغية وجمالها.. وسواء من حيث أريحية لغته التي لا يضاهي لذة الاستمتاع بها سوي عمق المضامين الحضارية.. التاريخية والثقافية.. التي تحملها والتي تبهر المتلقي - المستمع أو القارئ- وتحيِّره.. فيشرد ذهنه بعيدا في أعماقها، يحمله سيل عرم  من الرموز ذات الألوان المتنوعة والدلالات القوية.

 جل تلك الألوان تحيل إلى الثقافة المحلية والوطنية : القوافل التي ترد المدينة من مختلف الجهات على غرار أسمها - تيشيت -الذي لفت فطنة الشاعر حيث شرح أنه يقرؤ من اليمين إلى الشمال ومن الشمال إلى اليمين؛ هذا فضلا عن تردد خياله على  المحظرة؛ على النخيل؛ على العمران... على التراث العربي والإسلامي الخاص بهذه الربوع الصحراوية التي ألهمته وحيا شعريا أصيلا يُحسد عليه. كما أنه يستخدم رموزا "مستوردَة"، أدبية ولغوية وحتى تكنولوجية، ويوظفها  بشكل طريف، مثل: قصة Marguerite.. أو عبارة "double huit".. وكذلك وحدة القياس المعلوماتية " mégabit "... 

ومن تجليات أريحية أسلوب بودرباله الشعري وعمقه في آن واحد، شكواه من ضيق الوقت لما قال، مختتما:

  "ذ جزء  مْنَ  لْقصَّ عنوانْ       واهضعشر ⃰ عنوان فبقيت

    القص.. غير الوقتِ بانْ       أوفَ.. وانَ ما فت أُفيتْ ".

ويقيني قوي بأنه على حق : الحديث عن تيشيت يطول.. ويطول.. ويطول... خاصة لما يكون المتكلم شاعرا موهوبا. 

البخاري محمد مؤمل

----------------------------------------------------

 ⃰ إحدي عشر  

 

تصنيف: 

دخول المستخدم