العملية الارهابية ضد ثكنة سوكولو: موريتانيا مستهدفة من جديد!

وقع الهجوم فجر اليوم، في منطقة نيورو المحاذية لبلادنا حيث توجد الثكنة التي تم استهدافها - ثكنة سوكولو- الواقعة على بعد 85 كيلومترًا من الحدود مع موريتانيا. قتل المهاجمون أكثر من 20 دركيا ماليا واستولوا على الأسلحة والسيارات وابرموا النار في العتاد والمعدات التي لم يحملوا معهم. كان بالمعسكر ما يقدر بستين عسكريا وعدد هام من السيارات.

السلطات العسكرية المالية أعلنت أن الجماعات "الإرهابية" هي من قامت بالعملية.. ويقدر عدد المهاجمين بمأئة مقاتل جاؤوا على متن دراجات نارية.. ويعتقد أنهم يتخذون من غابة واقادو ملاذا لهم. وقيل أنهم من جماعة القاعدة في المغرب الإسلامي، رغم أن الأسلوب العملياتي الذي تم اتباعه اصبح مشتركا في العديد من جوانبه-كاستخدام الدراجات النارية والمباغتة- بين معظم الجماعات المسلحة الناشطة في مالي، سواء الجماعات ذات الطابع الطائفي (الميليشيات العنصرية)، أوالجماعات التي توصف ب"الجهادية". إلا أن اختيار المهاجمين لهدف عسكري- معزول نوعا ما- تابع للنظام وضربه بهذه الدرجة من القوة المركزة، من السمات الجديدة للجماعات "الجهادية "المنتشرة في منطقة الساحل: " الدولة الإسلامية في الصحراء"، "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين"، "جماعة ماسينا"...

ونذَكِّر أنه سبق لجماعة القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي أن حاولت في بداية العشرية الأخيرة أن تتخذ من غابة واقادو مأوى وقاعدة انطلاق تستخدمها قصد تنظيم هجمات ضد موريتانيا؛ الأمر الذي دفع بالقوات الموريتانية آنذاك إلى القيام بعملية عسكرية استباقية جريئة ضدهم في 24 يونيو 2011.

  وفضلا عن الحصيلة العسكرية الظرفية التي تمخضت عنها العملية، فإن الأهم كان نتائجها الإستراتيجية: حملت رسالة واضحة للعدو اظهرت له عزم السلطات الموريتانية وقوة إرادتها فيما يعني الدفاع عن البلد ضد الجماعات المسلحة بدرجة مكنت من ردع هذه الأخيرة وانسحابها فورا من غابة واقادو وتقليل تواجدها في المناطق الحدودية مع بلادنا.

 أما اليوم، فيلاحظ عودة هذه الجماعات إلى غابة واقادو وإلى المناطق القريبة من حدود موريتانيا، وهذا مع تطور متزايد ومذهل، بشكل لم يسبق له مثيل، في قوتها: كمًّا وكيفًا.  مما ينذر بخطر جدي يهدد البلد. ويزيد من خطورة التهديد قرارات القمة الأخيرة التي جمعت بين رؤساء "مجموعة ساحل5" مع الرئيس الفرنسي في مدينة "ابو" الفرنسية. فقد  قرروا إعادة تنظيم وانتشار القوى العسكرية بشكل يسمح بأن تركز قوة "برخان" و"القوة المشتركة لمجموعة ساحل 5" جهودها على منطقة الحدود المشتركة بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو.

وردا على هذه الاستراتيجية، فمن الوارد أن تعمل الجماعات المسلحة المستهدفة على التعاطي مع الأمر تبعا لثلاثة محاور متكاملة:

المحور الأول: فتح جبهات قتال في المناطق الأخرى بغية تخفيف الضغط العسكري عليها في أماكن تواجدها داخل منطقة الحدود المشتركة بين الدول الثلاث السابقة الذكر.

المحور الثاني: تجنب الصدام والمواجهة المباشرة مع  عدو يفوقهم كثيرا قوة وعتادا.. وبصورة خاصة تفادي التعرض لجهده الرئيسي.. عملا بالمبدأ التكتيكي القائل بالتعامل مع العدو طبقا لما يمليه ميزان القوة الظرفي.

المحور الثالث: استنزاف العدو حسب ما تقتضيه تقنيات وأساليب حرب العصابات عبر خلق ومضاعفة جبهات قتال لا تكون بالضرورة مترابطة جعرافيا فيما بينها؛ بشكل يصعب معه على الخصم مواكبة تطور وتزايد ساحات المعركة والتعامل معها.  

 وفي هذه الظروف، على بلادنا أن تأخذ حذرها على ضوء التطورات الأخيرة في الرؤى التكتيكية والإستراتيجية وما ينجم عنها من إعادة انتشار للقوى العسكرية الصديقة والحليفة في مالي وفي منطقة الساحل ومن إعادة انتشار للقوى المعادية بصورة قد تجعلنا في مقدمة أهداف هذه الأخيرة.

 ولا شك أن قيادة البلد والقائمين على أمنه يأخذون هذه المخاطر والمعطيات في الحسبان، علما أن الرئيس غزواني كان يقود الأركان العامة للجيوش خلال العمليات العسكرية الاستباقية ضد القاعدة.. تلك العمليات التي ما زلنا نجني ثمارها الحميدة..  وأنه أصبح القائد الأعلى للقوات المسلحة الآن.

من هذا المنظور، يمكننا الجزم أن البلد في أمان. لكن: "احكمْ الَّا اتْزيد احْكيمْ"، كما يدعونا المثل الشعبي دوما إلى مزيد من الحزم واليقظة. 

البخاري محمد مؤمل (اليعقوبي)

تصنيف: 

دخول المستخدم