الحكم بالسجن 20 سنة على الضالعين في قضية BMCI : لماذا "دمقرطة العقوبة" ؟ ولماذا اختزال مدة المحاكمة في يوم واحد ؟

انتهت ليلة البارحة في وقت متأخر من الليل  محاكمة الشبان الأربعة المشمولين فى قضية السطو المسلح على بنك BMCI  ؛ وحكم عليهم جميعا بالسجن 20 سنة نافدة. وهذا الحكم مثير للتساؤل لسببين على الأقل :

  1. الحكم ساوى جميع المتهمين الأربعة في المسؤولية ؛ غير أنه من المعروف أن أعضاء عصابات الإجرام ليس لهم نفس الدور في نفس العصابة وتعاملهم مع العدالة يختلف من فرد لآخر... وكان من المفروض أن يظهر ذلك من خلال الحكم على هؤلاء الشباب: أي أن تتباين درجات العقوبة تبعا للدور الذي قام به كل واحد منهم في عملية السطو المسلح المدانين بسببها..  وأن تتباين كذلك حسب درجة تعاون كل واحد منهم مع أجهزة التحقيق ومع العدالة؛ بمعنى أن "دمقرطة" العقوبة في هذا النوع من القضايا غير واردة.
  2.   المحاكمة بدأت صباح أمس. مما يعني أنه تم اختزال مدتها في يوم واحد أو أقل، بينما يأخذ عادة هذا النوع من القضايا الخطيرة زمنا أطول لا يحسب بالساعات : عدة أيام على الأقل .. ويستمع فيها لنص التهم ... يستمع للنيابة العامة.. للمتهمين.. للدفاع.. يتم فيها عرض الأدلة المادية.. كما يستدعى  الشهود.. حيث يتم عرض الأدلة و الأدلة المضادة بشكل كاف.. ويقوم طرفا النزاع - الاتهام والدفاع- بمواجهتها ومقارنتها فيما بينها... ثم تأخذ المداولات هي الأخرى وقتا كافيا لدراسة كل ذلك من طرف أعضاء المحكمة -قضاة ومحلفين- حتى يتم النطق بالحكم عن بينة تامة. هل الوقت الذي استغرقته محاكمة الضالعين في قضية BMCI كان كافيا لهذا كله ؟ السؤال مبرر تماما علما أن حيثيات الملف وجوانبه المختلفة لم تتضح بما فيه الكفاية خاصة ما يتعلق منها بالدور الخاص الذي قام به كل واحد من المدانين الأربعة كما بيناه في الفقرة السابقة.

إننا نتطلع إلى أن تقوم محكمة الاستئناف بعلاج الخلل أو النواقص في هذا الحكم، شكلا ومضمونا : سواء تعلق الأمر بتفادي "دمقرطة" العقوبة.. وسواء تعلق بأخذها الوقت الكافي حتى تقف المحكمة على جميع حيثيات القضية وتفك تشابك خيوطها المختلفة بشكل يبين الدور الفعلي الذي قام به كل واحد من المدانين على حدة أو تبرئه إن هي ارتأت أنه  بريئ.  

البخاري محمد مؤمل.

 

مضاف على النص السابق (post-scriptum (P.-S.):  إننا نخشى من أن يتم محاولة ركوب هذه المحاكمة وهذا الملف من طرف المتشددين السياسيين سواء في العارضة أو في الموالاة : فهذه فضية قضائية لا ينبغي استخدامها كمطية في التجاذبات والصراعات السياسية حتى تبقى العدالة في منأى عن الاستقطاب السياسي.. بعيدة عن الخطب النارية وتبادل الاتهامات الرخيصة الصادرة عن المتشددين مهما كانت ولاءاتهم.. 

البخاري محمد مؤمل.

 

 

تصنيف: 

دخول المستخدم