ترددتُ كثيرا بشأن تصديق ما نشرته قبل أمس بعض المواقع حول تطور التهديد الإرهابي في موريتانيا؛ وقد أثار انتباهي أحد موظفي قناة "الساحل" حول الموضوع، لمَّا عرض علي أن أكون ضيف برنامج "خلفيات " الذي تبثه القناة بغية تقديم توضيح حول الخبر المذكور. فقبلتُ دعوته مضيفا ملاحظتين:
- أولا: أنني أود التأكد من الخبر؛
- ثانيا: أفضل أن يتم علاج الموضوع من زاوية تأخذ في الحسبان التطورات الأخيرة والمتسارعة، العسكرية والجيوستراتيجية، التي يشهدها العالم، خاصة في أفغانستان ومنطقة الساحل.
وشاطرني الصحافي المحاور، السيد محمد السالك ولد داهي، الملاحظتين. فسار النقاش بيني وبينه في اتجاهين رئيسيين: الوقوف على حقيقة ما زعمت بعض المواقع الموريتانية حول "إعادة فرنسا تصنيفها لمستوى التهديدات الإرهابية في موريتانيا بصورة تزيد من درجة الخطر وتدعو إلى القلق"، ومن جهة أخرى التركيز على تداعيات التطورات العسكرية والجيو ستراتيجة في أفغانستان وفي مالي ومنطقة الساحل بشكل عام، وأثر كل ذلك على بلادنا.
وقد بادرتُ بأجراء التحريات حول الموضوعين مركزا اهتمامي على الأول. فخلصتُ دون صعوبة كبيرة إلى أن الخبر الذي تناولته مواقع موريتانية يفتقد إلى حد كبير إلى المصداقية: صورة الخريطة التي نشروا قديمة، والخبر لم يصدر عن أي جهة إعلامية دولية. فمثلا "ارْ أف إي" (RFI، إذاعة فرنسا الدولية)، وقناة "افرانس 24"، المعروفتان باهتمامها القوي بهذا النوع من المواضيع والأخبار في منطقتنا، لم تتطرقا له. وقد اثرت مع محاوري هذه العناصر التي تشكك كثيرا في صحة الخبر.
وقد أضفتُ أن البلاغ الذي نشرت مؤخرا السفارة الفرنسية في نواكشوط على موقعها، وعزت له المصادر الموريتانية المشار إليها سابقا، لا يعدو كونه تحذيرا تقليديا يُذكِّر عادة وبصورة دورية رعاياها باتخاذ الحيطة وأنه من الوارد أن يتردد في مواقع السفارات الفرنسية في جميع دول الساحل وخاصة تلك المحاذيية لدولة مالي. وأنه لا يغير شيئا في تصنيفها لمستوى الخطر الإرهابي في موريتانيا. بل إن فرنسا أرسلت رسالة طمأنة في مجال الأمن الحضري في البلد، إذْ نصت على أن التهديدات والمخاطر الأمنية في المدن الموريتانية تبقى دون المستوى الذي يلاحظ في الدول المجاورة.
وهذا ما أكدته وزارة الخارجية الموريتانية في بيان رسمي بثته صباح اليوم على موقعها (الصورة السابقة)؛ حيث نفتْ أي إعادة تصنيف من طرف الحكومة الفرنسية للتهديد الإرهابي في موريتانيا.
البخاري محمد مؤمل (اليعقوبي)
تصنيف: