قضية "العلمانيين". ولد محم يدخل الجدل من باب واسع وصعب: يدعو إلى العطف والمحبة طبقا لتعاليم الإسلام ويستشهد بالبير كامو...

لم ترد كلمة "العلمانيين" على لسان الرجل. لكن تدوينته لم تترك مجالا للشك بالنسبة لجل المعلقين والمراقبين للجدل الدائر هذه الأيام. فبالنسبة لهم، السياسي والوزير السابق الأستاذ سيد محمد ولد محم يرى أن موضوع "العلمانيين"  يجب التعامل معه على أساس أن الأمر يتعلق بأسئلة يطرحها الشباب و"افرزها العصر". ولا ينبغي بأي حال من الأحوال حسب رأيه علاجها عن طريق المتابعة القضائية والعقوبات الجزائية، بل بواسطة "التسلح بالعلم والعطف والمحبة" على حد قوله. وقد أثار رأيه ردود فعل متباينة وأسئلة متعددة.

يرى مناوئوه في هذا الطرح تسامحا غير مقبول مع من يعتبرونهم "دعاة للإلحاد" ول"لخروج على الدين الإسلامي". وقد لا يخلو رأيهم هذا من نوع من التشدد يقود إلى تأزيم الأوضاع  وتعقيد المشكلة.

ويرى مناوئوه في هذا الطرح تسامحا غير مقبول مع من يعتبرونهم "دعاة للإلحاد" ول"لخروج على الدين الإسلامي". وقد لا يخلو رأيهم هذا من نوع من التشدد يقود إلى تأزيم الأوضاع  وتعقيد المشكلة.

لكن في المقابل، يجب احترام المساطر القانونية المعمول بها في البلد. فإن كانت تنص على إجراءات تعاقب المخالفين في المجال المذكور، فهل من مبرر لعدم العمل بها أو لتعطيلها؟ ألا تصبح الدعوة إلى عدم مقاضاة المخالفين وإلى عدم تطبيق العقوبات الجزائية في حقهم تصبح، في هذه الحالة، غير واردة؟

صحيح أنه لا ينبغي الاقتصار على القمع.. بل يجب أيضا القيام بعمل تثقيفي وتهذيبي طبقا لما تقتضيه الظروف ومتطلبات دولة القانون. ولكن كيف التوفيق بين الأمرين؟

وكما هو الحال مع السيد محمد جميل منصور- (انظر: "... جميل منصور يوجه رسائل مشفرة ويثير عواصف من ردود الفعل المتنافرة ")فإن ولد محم قد أثار بدوره ردود فعل متباينة جدا: إن كان كثيرون قد دعموه بقوة أو اعلنوا عن رضاهم بما كتبه، فإن كثيرين آخرين عارضوه كما اسلفنا.. وبعضهم  ردعليه باستهجان وعنف.

وكما نشر جميل منصور تدوينات عديدة -(أربع على الأقل)- حول هذا الموضوع الحساس والمثير للجدل، فإن ولد محم لم يقتصد كثيرا هو الآخر في النقاش.. بل رد على جل مناوئيه  فردا فردا بتعاليق يجيب بها كل محاور على حدة.. هذا بالإضافة إلى تدوينته التالية ذات الطابع العام الموجهة إلى"المبهورين بحركة الإلحاد من شبابنا"، على حد قوله.

ويشير استشهاده بالكاتب والفيلسوف الفرنسي البير كامو (Albert Camus)- أو البرت كامي كما يسميه ولد محم- وبالكاتب الروسي ليو تولستوي تساؤلات أخرى. فمن المثير للانتباه ذكره لهذين المثقفين الأوروبيين ليؤكد على ضرورة الإيمان بالله عز وجل. صحيح أنهما من عمالقة الفكر والأدب العالمي. غير أنه لم يعرف عن الرجلين أي ارتباط نموذجي بالدين يجعل منهما مرجعية في هذا المجال. تولستوي كان شاكا في شبابه ثم ملحدا.. قبل ان يقر بعد ذلك بوجود الإله دون أن يتحرر كليا من تساؤلاته. اما البير كامو، فهو على العكس تماما: ملحد مقتنع لا تراوده شكوك.

وتعتبر "العبثية" التي تشكل جوهر فلسفة هذا الأخير، والمنبثقة عن الفلسفة الوجودية، مناوئة للدين. وهذا ما عبر عنه كامو نفسه مرارا، وبصورة خاصة من خلال سلوك بطل روايته الشهيرة "اسطورة  سيزيف": سيزيف "يُعلِّم الوفاء السامي، وينكر الإله، ويرفع الصخور"، تقول الرواية.

قديتساءل المرء المسلم: هلَّا يشكل الاستدلال بمفكر ملحد -مثل البير كامو- عائقا منيعا حينما يكون المُبتغَى هو البحث عن أفضل السبل الفكرية والمنهجية للدفاع عن الإسلام ولدفع الشباب للتقيد به حتى "يعضوا" على عقيدتهم وشعائرها "بالنواذج"، كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته بالتمسك بسنته وسنة الخلفاء الراشدين من بعده؟     

البخاري محمد مؤمل (اليعقوبي)

      

 

تصنيف: 

دخول المستخدم